هل تتمنى لو باستطاعتك سداد ديونك خلال فترة وجيزة؟ في هذه المقال سنتحدث عن استراتيجيات ونصائح لإدارة الديون..

الديون يمكن أن تكون عبئًا ثقيلاً لا يمكن التخلص منه بسهولة. تضغط علينا في كل حركة نقوم بها، خاصةً إذا كانت مصاريفنا والتزاماتنا الأخرى تتزايد بدلاً من الانخفاض. هذا يعوقنا عن إعطاء الأولوية لسداد تلك الديون ويزيد من التوتر النفسي الذي نعانيه بسببها.

ومع ذلك، يسعى الكثير من الأشخاص إلى معالجة الديون كجزء من استراتيجية الادخار والاستثمار. وهنا لا يقصد الاستفادة من الديون، ولكن الهدف هو كيفية إدارة الديون بطرق فعالة وسليمة والتخلص منها.

لذلك، إدارة الديون تعد الجانب الأساسي لتحقيق الأمن المالي. في هذا المقال، سنستكشف مجموعة من الاستراتيجيات المختلفة لإدارة الديون بطرق فعالة وذكية لتحقيق مستقبل مالي آمن.

مفهوم الديون:

قبل أن نبدأ في مناقشة استراتيجيات إدارة الديون، من المهم فهم مفهوم الديون وكيفية عملها. على الرغم من أننا قد نكون على دراية بالديون، إلا أن التذكير بها لا يسبب أي مشكلة. الديون تمثل المبالغ المالية التي نقترضها من شخص آخر، ويتوقع أن نسدد هذه المبالغ خلال فترة زمنية محددة. وعادةً ما لا تتضمن الديون فوائد، حيث نتحدث هنا عن الديون بشكل عام وليس الاقتراض من البنوك.

هناك نوعان رئيسيان من الديون: المضمونة وغير المضمونة. الديون المضمونة تكون مدعومة بضمان أو رهن أو عقد أو كمبيالات، مثل العقارات أو السيارات أو الأوراق المالية. أما الديون غير المضمونة، فهي الديون التي لا تتضمن ضمانات رسمية وعادةً ما تكون بشكل شفهي دون وثائق أو إثباتات أخرى، وقد يتم توثيقها بشهود، ولكن لا تكون هناك وثائق رسمية.

تفهم هذه المفاهيم الأساسية حول الديون سيساعدنا في استيعاب الاستراتيجيات المختلفة لإدارة الديون بشكل فعال وذكي.

استراتيجيات لإدارة الديون:

تختلف استراتيجيات إدارة الديون باختلاف الأشخاص من مصاريفه والتزاماته وعدد أفراد أسرته، ولكن بشكل عام هناك العديد من الاستراتيجيات والنصائح لإدارة الديون التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحقيق الأمن المالي وتشمل هذه الاستراتيجيات:

1. إنشاء موازنة:

الموازنة هي خطة مالية تحدد كيفية إنفاق وتوفير المال. تعتبر الميزانية أداة قوية في إدارة الديون، حيث تساعدنا على فهم دخلنا ونفقاتنا والتزامات الديون التي لدينا. من خلال إعداد ومتابعة الميزانية، يمكننا استخدام هذه المعلومات لاتخاذ قرارات حكيمة وسليمة بشأن كيفية إدارة الديون وتحديد أولويات الإنفاق.

2- تخفيض النفقات:

تحديد الأولويات وتقليص النفقات الزائدة هي استراتيجيات فعالة للتخلص من الديون. بتقليص الإنفاق اليومي أو الشهري، يمكننا توفير المزيد من الأموال لسداد الديون. بعض الأمثلة على ذلك هي تقليل تناول الطعام في الخارج واستبداله بتحضير الطعام في المنزل، وتقليل الترفيه غير المبرر مثل السفر الباهظ الثمن أو النزهات الباذخة، وإلغاء الاشتراكات غير الضرورية.

3- زيادة الدخل:

أحد الجوانب المهمة للتخفيف من الديون وسدادها هو زيادة الدخل. زيادة الدخل يعني توفر مزيد من الأموال التي يمكن استخدامها لسداد الديون بشكل أسرع. هناك عدة طرق يمكن اتباعها لزيادة الدخل وتحسين الوضع المالي:

1. العمل الجانبي: يمكن البحث عن فرص عمل إضافية بجانب العمل الرئيسي. يمكن أن يكون ذلك من خلال العمل الجزئي في وظيفة إضافية أو القيام بأعمال حرة في مجالات يمتلك فيها الشخص مهارات محددة.

2. بدء عمل تجاري صغير: يمكن النظر في إنشاء عمل تجاري صغير يعمل به الشخص بدوام جزئي. قد يكون لديه موهبة أو مهارة يستطيع تحويلها إلى فرصة عمل ربحية.

3. تعلم مهارات جديدة: يمكن الاستثمار في تعلم مهارات جديدة أو تحسين المهارات الحالية. قد يؤدي ذلك إلى زيادة فرص الحصول على وظائف بمرتبات أعلى أو العمل في مجالات ذات فرص نمو مالي أفضل.

4. استغلال الموارد الشخصية: يمكن النظر في استغلال الموارد الشخصية المتاحة لتوليد دخل إضافي. قد يشمل ذلك استئجار مساحة في المنزل، أو استئجار سيارة للأشخاص الذين لا يستخدمونها بشكل منتظم.

5. الاستثمار: يمكن للأفراد النظر في خيارات الاستثمار التي تتيح فرصة لكسب عائد مالي إضافي. يجب أن يتم استثمار الأموال بحذر ووفقًا للمخاطر المالية المقبولة.

4- إعطاء الأولوية لسداد الديون:

تعني إعطاء الأولوية لسداد الديون التركيز على سداد الديون المرهونة بعقار أو ذهب أو سندات، وهذا من شأنه أن يحقق فائدة أكثر سواء من الناحية المادية أو المعنوية، وإحدى الاستراتيجيات الشائعة هي طريقة كرة الثلج، حيث يركز الأفراد على سداد أصغر ديونهم أولاً، ثم الانتقال إلى ديون أكبر فيما لو لم يكن هناك رهن.

5- توحيد الديون:

ينطوي توحيد الديون على الحصول على قرض جديد لسداد ديون متعددة، وبذلك تصبح الديون أكثر بساطة فيما لو كانت متفرعة إلى أشخاص أكثر، ويسهل التركيز عليها، ومع ذلك يجب أن يكون الأفراد حريصين على تجنب زيادة الديون والتأكد من تمكنهم من دفع التزامات الديون الجديدة.

فوائد إدارة الديون:

ما دخلت الإدارة في شيء إلا زانته، ومن هذه الحكمة نجد أن إدارة الديون لديها العديد من الفوائد التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحقيق الأمن المالي، والتركيز على حياته بشكل أفضل واستثمار وقته، وتشمل هذه الفوائد:

1. درجة الائتمان: لو كان الفرد يسدد ديونه بشكل جيد وفي موعده تقريباً سيمكنه ذلك من معاودة طلب دين جيد فيما بعد لو احتاج ذلك، لأن رصيده الائتماني من السمعة عالٍ، ولن يحتاج للبحث كثيراً عن دائنين جدد أو صعوبة في تمويل مشاريعه.

2. انخفاض التوتر: كما شرحنا سابقاً أن الدين هو جبل كبير يقع على عاتق الفرد، ولا بد من التخلص منه بأسرع وقت ممكن من خلال إدارة الديون، وتقليل التوتر والضغط المالي والتركيز على الجوانب الأخرى في حياته.

3. زيادة المدخرات: يمكن لإدارة الديون جمع القليل من المال عند اتباع خطة إدارة الديون بشكلها الصحيح، مما يساعد الفرد مستقبلاً على تحقيق الأهداف المالية طويلة الأجل.

دراسة حالة: استراتيجية إدارة ديون مازن:

لنلقي نظرة على حالة مازن لتوضيح فوائد إدارة الديون. مازن هو أخصائي تسويق يبلغ من العمر 35 عامًا ولديه 30,000 دولار من الديون التي تأتي من بطاقات الائتمان وقروض الطلاب وقرض السيارة. يقوم بدفع الحد الأدنى للمدفوعات على ديونه كل شهر، ومع ذلك يجد صعوبة في تحقيق تقدم في سداد الديون وتوفير المستقبل.

قرر مازن تنفيذ استراتيجية لإدارة الديون بهدف تحقيق الأمن المالي. بدأ أولاً بإنشاء ميزانية لفهم دخله ونفقاته والتزامات الديون. يدرك أنه يمكنه تقليص نفقاته عن طريق التخفيض في الإنفاق التقديري والتسوق حول للحصول على صفقات أفضل في النفقات الأساسية. بدأ أيضًا العمل الحر لزيادة دخله.

أولويات ترتيب الديون:

من الناحية الأخرى، يُوصى بالأولوية في سداد الديون من خلال التركيز على سداد ديون بطاقة الائتمان ذات الفائدة العالية في المقام الأول. يمكن استخدام طريقة كرة الثلج للديون، حيث يتم سداد الديون المتعلقة ببطاقة الائتمان ذات الرصيد الأصغر أولاً، ثم التحول إلى الديون ذات الرصيد الأكبر وهكذا. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بالنظر في توحيد قروض الطلاب الشخصية لتخفيض معدل الفائدة وتبسيط عملية سداد الديون المتراكمة لديه.

عندما يبدأ مازن في سداد ديونه، يلاحظ تحقيق فوائد ونصائح لإدارة الديون. فعندما تنخفض أسعار الفائدة، يستطيع توفير المال على رسوم الفائدة، كما يحدث تحسن في درجة ائتمانه نظرًا لسداده الديون في الوقت المحدد، مما يسهل له الحصول على قروض وبطاقات ائتمان بأسعار فائدة منخفضة. وبالإضافة إلى ذلك، يشعر بضغط أقل ويكون أكثر سيطرة على موارده المالية.

مع السيطرة على ديونه، يستطيع مازن زيادة مدخراته والبدء في التخطيط للمستقبل، ويقوم بإنشاء حساب تقاعدي ويبدأ في المساهمة بجزء من دخله كل شهر، ويبدأ أيضًا في الادخار مقابل دفعة أولى على منزل.

تعد إدارة الديون عنصرًا حاسمًا في التمويل الشخصي. إنها تتطلب الانضباط والتركيز والتخطيط. واعتماد الائتمان لتمويل المشتريات قد يكون مغرٍ، ولكن يجب علينا أن نتذكر أن الديون تحمل تكلفة قد تفوق السيطرة إذا لم يتم إدارتها بشكل فعال.

وذلك يشبه عملية تسلق الجبال، حيث تكون الرحلة صعبة ولكن المكافآت تستحق العناء. من خلال التحكم في ديونك، يمكنك تقليل التوتر وتحسين درجة الائتمان الخاصة بك وبناء أساس مالي أقوى للمستقبل.

لذلك دعونا نتراجع خطوة إلى الوراء، ونقيم وضعنا المالي، ونبدأ اليوم في إجراء تغييرات صغيرة ستؤدي إلى غد أكثر إشراقًا.

ولنتذكر أن إدارة الديون ليست مهمة لمرة واحدة ، ولكنها عملية مستمرة تتطلب اليقظة والتصميم. ولكن بالعقلية الصحيحة والأدوات الصحيحة، يمكننا التغلب على ديوننا وتحقيق الرفاهية المالية من خلال تلك النصائح لإدارة الديون.

تحياتي / أسامة البشاش – الحقيبة المالية